قصّـــة قتـــل الأخ
يختلف القرآن الكريم عن الكتاب المقدس في سرد قصة قتل الأخ لأخيه. فبينما يذكر سفر التكوين الاسمين الصريحين لقايين وهابيل، لا ذكر لهما في القرآن الكريم، وإنما التقليد يذكر أن القصة تدور حول قابيل وهابيل.
ومهما كانت أسماؤهما، فالقصة تتحدث عن ابني آدم “الإنسان”. وهذه الجريمة “الأصلية” الأولى تم توظيفها مباشرة في القرآن لفرض تحريم عام، إذ يقول “لا تقتل!”. بينما نرى في الكتاب المقدس أن أول ما أُعطيت هذه الوصية للبشر كان عن طريق موسى. والقرآن يعترف أن الإسرائيليين هم أول من تسلّم هذه الوصية، مثبّتاً أهميتها.
لا يوضح الكتاب المقدس سبب رفض الله لتقدمة قايين. ويشير القرآن الكريم إلى تعديات سابقة له أدّت إلى عدم قبول تقدمته.
وحتى نهاية القصة مختلفة في الكتاب المقدس عنها في القرآن الكريم. يذكر الكتاب المقدس قصة هرب القاتل، دون الحديث عن صفح الله له. وأما القرآن الكريم يذكر كيف أن القاتل يتعلم من الغراب كيف يدفن أخاه، فيندم على فعلته.
هل تنتهي هذه القصة في القرآن الكريم بالمسالمة؟ كلا. يفسح النص المجال للسلطات بالقتل (كعقاب)، ولكن ضمن شروط صارمة فقط. فالذين ينشرون الموت والخراب يمكن للسلطات تنفيذ حكم القتل بهم. وأما المواطنون الأبرياء لا يُسمح حتى للدولة بقتلهم، لأن كل نفس بريئة هي أغلى من الذهب الإبريز. وللأسف، لا يسمع البشر من رسل الله الذين في كل مرة يحملون رسالة الله هذه منذ القديم.
القـــــــــــرآن الكريــــــــــم | الكتـــــــــــــاب المقـــــــــــدّس |
ابنَـــا آدم | قاييـــن وهابيـــل |
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ. إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ.فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ. فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (المائدة: 27-32) | وَعَاشَرَ آدَمُ حَوَّاءَ زَوْجَتَهُ فَحَبِلَتْ، وَوَلَدَتْ قَايِينَ إِذْ قَالَتْ: «اقْتَنَيْتُ رَجُلاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ». ثُمَّ عَادَتْ فَوَلَدَتْ أَخَاهُ هَابِيلَ، وَكَانَ هَابِيلُ رَاعِياً لِلْغَنَمِ. أَمَّا قَايِينُ فَقَدْ عَمِلَ فِي فَلاَحَةِ الأَرْضِ. وَحَدَثَ بَعْدَ مُرُورِ أَيَّامٍ أَنْ قَدَّمَ قَايِينُ مِنْ ثِمَارِ الأَرْضِ قُرْبَاناً لِلرَّبِّ، وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضاً مِنْ خَيْرَةِ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَأَسْمَنِهَا. فَتَقَبَّلَ الرَّبُّ قُرْبَانَ هَابِيلَ وَرَضِيَ عَنْهُ. لَكِنَّهُ لَمْ يَتَقَبَّلْ قُرْبَانَ قَايِينَ وَلَمْ يَرْضَ عَنْهُ. فَاغْتَاظَ قَايِينُ جِدّاً وَتَجَهَّمَ وَجْهُهُ كَمَداً. فَسَأَلَ الرَّبُّ قَايِينَ: «لِمَاذَا اغْتَظْتَ؟ لِمَاذَا تَجَهَّمَ وَجْهُكَ؟ لَوْ أَحْسَنْتَ فِي تَصَرُّفِكَ أَلاَ يُشْرِقُ وَجْهُكَ فَرَحاً؟ وَإِنْ لَمْ تُحْسِنِ التَّصَرُّفَ، فَعِنْدَ الْبَابِ خَطِيئَةٌ تَنْتَظِرُكَ، تَتَشَوَّقُ أَنْ تَتَسَلَّطَ عَلَيْكَ، لَكِنْ يَجِبُ أَنْ تَتَحَكَّمَ فِيهَا» وَعَادَ قَايِينُ يَتَظَاهَرُ بِالْوُدِّ لأَخِيهِ هَابِيلَ. وَحَدَثَ إِذْ كَانَا مَعاً فِي الْحَقْلِ أَنَّ قَايِينَ هَجَمَ عَلَى أَخِيهِ هَابِيلَ وَقَتَلَهُ. وَسَأَلَ الرَّبُّ قَايِينَ: «أَيْنَ أَخُوكَ هَابِيلُ؟» فَأَجَابَ: «لاَ أَعْرِفُ. هَلْ أَنَا حَارِسٌ لأَخِي؟» فَقَالَ الرَّبُّ لَهُ: «مَاذَا فَعَلْتَ؟ إِنَّ صَوْتَ دَمِ أَخِيكَ يَصْرُخُ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ (تكوين 1:4-10) ثُمَّ نَطَقَ اللهُ بِجَمِيعِ هَذِهِ الأَقْوَالِ: … لاَ تَقْتُلْ (خروج 1:20، 13) فَمُنْذُ الآنَ، تَحِلُّ عَلَيْكَ لَعْنَةُ الأَرْضِ الَّتِي فَتَحَتْ فَاهَا وَابْتَلَعَتْ دَمَ أَخِيكَ الَّذِي سَفَكَتْهُ يَدُكَ. 12 عِنْدَمَا تَفْلَحُهَا لَنْ تُعْطِيَكَ خَيْرَهَا، وَتَكُونُ شَرِيداً وَطَرِيداً فِي الأَرْضِ» (تكوين 11:4-12) |