قصّـــة خلـــق الإنسان
خُلق الإنسان الأول من أديم الأرض. ولهذا دُعي “آدم”، وهي كلمة عبرية تعني (تراب) الأرض. ويشير هذا الاسم في القرآن الكريم أيضاً إلى أن الله خلق الإنسان من التراب أو الطين. ويذكر كلا الكتابين أن الله نفخ في الإنسان المخلوق من الطين روح الحياة. يقول القرآن الكريم إن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم، وأنه أمر الملائكة للسجود له. والله في سفر التكوين بارك الإنسان ورأى أنه حسن جداً.
يشير الكتاب المقدس بشكل صريح إلى أن الرجل والمرأة خُلقا على صورة الله وشبهه. وفي القرآن تبدو صورة الله أكثر تجريداً، إذ لا يمكن لأحد أن يشابه الله. ولكنه يشير إلى أن الإنسان منذ بدايته عتيد أن يعود إلى الله بعد الموت (انظر الفصل السابع عشر).
كلا الكتابين السماويين يحدّدان منذ البداية وظيفة الإنسان كخليفة لله، وأنه يسود على باقي المخلوقات، فبالمقارنة مع باقي المخلوقات، للإنسان سلطان ومسئولية فريدان.
يذكر القرآن أن الله اطلع الملائكة على مخططه لخلق الإنسان. وكانت ردّة فعلهم أنهم ارتعبوا، وأجابوا محذّرين بأن الإنسان سيستخدم ملكاتِه لإراقة الدماء. ومع هذا نفّذ الله مخططه. وأمر الملائكة أنفسهم بالسجود لآدم. ولكن أحد الملائكة، ويُدعى “إبليس”، وهو مخلوق من طبيعة النار، أبى أن يسجد للإنسان. وبسبب عدم طاعته أمر الله، دُعي بـ “الكافر”، وطُرد خارج الجنة. ولكن الفرصة ما تزال متاحة أمامه لإغواء الإنسان لفعل الشر، الدور الذي يتولاه بحماس. وهذه القصة ليس لها مقابل في سفر التكوين. وإنما الكتاب المقدس يتحدث في مكان آخر عن سقوط الشيطان من السماء، الشيطان الذي يغوي البشر.
ففي سفر أيوب الصدّيق يحاول الشيطان إبعاد أيوب عن الله عن طريق إنزال المصائب به، ولكن أيوب يبقى متمسكاً بالله الذي يكافئه في النهاية. قصة أيوب الصدّيق يأتي عليها القرآن الكريم بإيجاز، حيث أنه ليس بالإمكان إفرادها بفصل مستقل. ولكن قصة صبر أيوب الثابت تستحق التوسّع بها قليلاً.
لنعدْ إلى قصة خلق الإنسان. إن الخاصية المميزة التي لها شأنها منذ البداية هي ملَكَة النطق. يذكر سفر التكوين أن الإنسان الأول هو نفسه من أعطى كل المخلوقات أسماءها. وأما في القرآن الكريم فيعطي الله الإنسان أسماء كل الأشياء. وهناك نصّ قرآني يوضح أنه ليس للملائكة ملكة النطق النموذجية التي للبشر، السبب الذي اوجب عليهم السجود للإنسان.
إن تنوّع اللغات واختلاف لون البَشرة لدى الشعوب ما هي إلا عطية من الله، وتشجيع لهم لكي يتعارفوا. ولكن كثرة تنوع اللغات قد يؤدي إلى الفوضى والانقسام. وهذا ما توضحه قصة برج بابل فيما بعد في سفر التكوين.
تعطينا قصة خلق الإنسان فكرة عن العلاقات بين الجنسين. وقصة المرأة، حواء (أم كل حي)، التي خُلقت من ضلع من أضلاع الرجل، آدم (أديم الأرض)، كمعين له، هي قصة معروفة في الكتاب المقدس. والترجمة الحديثة الهولندية للكتاب المقدس تصف حواء معادلة لآدم. يذكر سفر التكوين قصة الخلق ثانية، قبل وبعد قصة ضلع آدم، وفيها يساوي بين الرجل والمرأة، وأنهما كلاهما خُلقا على صورة الله وشبهه.
لا يقبل القرآن الكريم بصراحة بفكرة مشابهة الإنسانِ لله. لا يمكن لأحد أن يشابه الله خالق كل شيء.
لا يذكر القرآن الكريم قصة الضلع، فالله خلق الرجل والمرأة متساويين، ومن نفس واحدة، كزوجين يربطهما روح واحد. والكلمتان المقصودتان هنا، “نفس” و “زوج”، يمكن أن يشيرا بالمعنى إلى المذكر والمؤنث في آن واحد. وقواعدياً تأتي كلمة “نفس” مؤنثة و “زوج” مذكرة. ومع هذا فإن الآية (الزمر: 6) وغيرها، والتي يمكن أن تحتمل تأويلات متعددة نظرياً، غالباً ما تشير في كتب تفاسير القرآن الكريم إلى ارتباط كلمة “النفس” بآدم (الرجل) و “الزوج” (شريك الحياة) بالمرأة.
يختلف المفسّرون حول كيفية خلق المرأة. فبعضهم يقولون بأنها خُلقت من الضلع الأيسر من آدم، معتمدين في ذلك على ما يرد في سفر التكوين، الإصحاح الثاني. وآخرون يقولون بأن الله خلق المرأة بنفس الطريقة التي خلق فيها آدم، وفي هذا هم قريبين من القصة الواردة في الإصحاح الأول من سفر التكوين.
يتميز القرآن الكريم عن سفر التكوين في الكتاب المقدس في أنه يؤكّد على استمرارية الخلق. إن عملية خلق الإنسان تتكرر بعد خلق آدم، ولكن بطريقة مختلفة. بعد عملية الخلق الأولى من التراب، يتم خلق الإنسان منذ تلك اللحظة من نقطة ماء – النطفة الذكرية؛ وقبل كل شيء وفي المقام الأول من خثرة دموية في رحم المرأة. إن استمرارية عملية خلق الإنسان بعد العملية الأولى هي علامة أن الله سيعيد أيضاً خلق الإنسان بعد الموت (انظر الفصل السابع عشر).
القـــــــــــرآن الكريــــــــــم | الكتـــــــــــــاب المقـــــــــــدّس |
خلق الإنسان من تراب وروح | |
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (الحجر: 28-29) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (التين: 4) | يَوْمَ خَلَقَ الرَّبُّ الإِلَه السَّمَاوَاتَ وَالأَرْضَ…. لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إِنْسَانٌ لِيَفْلَحَهَا. ثُمَّ جَبَلَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ مِنْ تُرَابِ الأَرْضِ وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ، فَصَارَ آدَمُ نَفْساً حَيَّةً (تكوين 4:2، 6-7) وَرَأَى اللهُ مَا خَلَقَهُ فَاسْتَحْسَنَهُ جِدّاً (تكوين 31:1) |
الإنسان كخليفة لله | الإنسان على صورة الله |
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ… وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (الإخلاص: 1، 4) … لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (الشورى: 11) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (البقرة: 30) | ثُمَّ قَالَ اللهُ : «لِنَصْنَعِ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا، كَمِثَالِنَا، فَيَتَسَلَّطَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ، وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ، وَعَلَى الأَرْضِ، وَعَلَى كُلِّ زَاحِفٍ يَزْحَفُ عَلَيْهَا». فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. وَبَارَكَهُمُ اللهُ قَائِلاً لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَتَكَاثَرُوا وَامْلَأُوا الأَرْضَ وَأَخْضِعُوهَا. وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ، وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَتَحَرَّكُ عَلَى الأَرْضِ». (تكوين 26:1-28) |
إبليــــــــس | الشيطـــــان |
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (البقرة: 34) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ. قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ. قَالَ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ. قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ. قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ (الأعراف: 12-18) | فَقَالَ لَهُمْ (يسوع): «قَدْ رَأَيْتُ الشَّيْطَانَ وَهُوَ يَهْوِي مِنَ السَّمَاءِ مِثْلَ الْبَرْقِ (لوقا 18:10) أَمَّا يَسُوعُ، فَعَادَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَاقْتَادَهُ الرُّوحُ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْماً، وَإِبْلِيسُ يُجَرِّبُهُ (لوقا 1:4-2) ثُمَّ يَقُولُ لِلَّذِينَ عَنْ يَسَارِهِ: ابْتَعِدُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ ِلإِبْلِيسَ وَأَعْوَانِهِ! (متى 41:25) |
الشيطــــــان وأيـّـــوب الصدّيـــــق | |
وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ… إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ… وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا (سورة ص: 41، 44، 43) وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (الأنبياء 83-84) … وَأَيُّوبَ … وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (الأنعام: 84) | وَحَدَثَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنْ مَثَلَ بَنُو اللهِ أَمَامَ الرَّبِّ، فَانْدَسَّ الشَّيْطَانُ فِي وَسَطِهِمْ. … فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هَلْ رَاقَبْتَ عَبْدِي أَيُّوبَ، فَإِنَّهُ لاَ نَظِيرَ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَهُوَ رَجُلٌ كَامِلٌ صَالِحٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ». … وَلَكِنْ حَالَمَا تَمُدُّ يَدَكَ وَتَمَسُّ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ». فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هَا أَنَا أُسَلِّمُكَ كُلَّ مَا يَمْلِكُ…» (أيوب 6:1-11) هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ مِنْ عَبْرِ الصَّحْرَاءِ، فَاجْتَاحَتْ أَرْكَانَ الْبَيْتِ الأَرْبَعَةَ، فَانْهَارَ عَلَى الْغِلْمَانِ وَمَاتُوا جَمِيعاً، وَأَفْلَتُّ أَنَا وَحْدِي لأُخْبِرَكَ». 20 فَقَامَ أَيُّوبُ وَمَزَّقَ جُبَّتَهُ وَجَزَّ شَعْرَ رَأْسِهِ وَأَكَبَّ عَلَى الأَرْضِ سَاجِداً، 21 وَقَالَ: «عُرْيَاناً خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي وَعُرْيَاناً أَعُودُ إِلَى هُنَاكَ. الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكاً» فِي هَذَا كُلِّهِ لَمْ يُخْطِىءْ أَيُّوبُ فِي حَقِّ اللهِ وَلَمْ يَعْزُ لَهُ حَمَاقَةً (أيوب 19:1-21) وَبَارَكَ الرَّبُّ آخِرَةَ أَيُّوبَ أَكْثَرَ مِنْ أُولاَهُ (أيوب 12:42) |
اللغة واللغات، هبة من الله | اللغات، مصدر للبلبلة |
وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ. قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ …. (البقرة: 31-33) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (الروم: 22) … وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا… (الحجرات: 13) | وَكَانَ الرَّبُّ الإِلَهُ قَدْ جَبَلَ مِنَ التُّرَابِ كُلَّ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ وَطُيُورِ الْفَضَاءِ وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ لِيَرَى بِأَيِّ أَسْمَاءٍ يَدْعُوهَا، فَصَارَ كُلُّ اسْمٍ أَطْلَقَهُ آدَمُ عَلَى كُلِّ مَخْلُوقٍ حَيٍّ اسْماً لَهُ. وَهَكَذَا أَطْلَقَ آدَمُ أَسْمَاءً عَلَى كُلِّ الطُّيُورِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْبَهَائِمِ. (تكوين 19:2-20) وَكَانَ أَهْلُ الأَرْضِ جَمِيعاً يَتَكَلَّمُونَ أَوَّلاً بِلِسَانٍ وَاحِدٍ وَلُغَةٍ وَاحِدَةٍ…ثمّ قال (الناس): «هَيَّا نُشَيِّدْ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجاً يَبْلُغُ رَأْسُهُ السَّمَاءَ، فَنُخَلِّدَ لَنَا اسْماً لِئَلاَّ نَتَشَتَّتَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ كُلِّهَا». وَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَشْهَدَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ شَرَعَ بَنُو الْبَشَرِ فِي بِنَائِهِمَا. فَقَالَ الرَّبُّ: «إِنْ كَانُوا، كَشَعْبٍ وَاحِدٍ يَنْطِقُونَ بِلُغَةٍ وَاحِدَةٍ، قَدْ عَمِلُوا هَذَا مُنْذُ أَوَّلِ الأَمْرِ، فَلَنْ يَمْتَنِعَ إِذاً عَلَيْهِمْ أَيُّ شَيْءٍ عَزَمُوا عَلَى فِعْلِهِ. هَيَّا نَنْزِلْ إِلَيْهِمْ وَنُبَلْبِلْ لِسَانَهُمْ، حَتَّى لاَ يَفْهَمَ بَعْضُهُمْ كَلامَ بَعْضٍ». وَهَكَذَا شَتَّتَهُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى سَطْحِ الأَرْضِ كُلِّهَا، فَكَفُّوا عَنْ بِنَاءِ الْمَدِينَةِ، لِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ «بَابِلَ» لأَنَّ الرَّبَّ بَلْبَلَ لِسَانَ أَهْلِ كُلِّ الأَرْضِ (تكوين 1:11، 4-9) |
قصــة خلـــق الرجـــل والمـــرأة | |
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء… (النساء: 1) خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا… (الزمر: 6) فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ … (الشورى: 11) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا (الحجرات: 13) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم: 21) | فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ (تكوين 27:1) ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ: «لَيْسَ مُسْتَحْسَناً أَنْ يَبْقَى آدَمُ وَحِيداً. سَأَصْنَعُ لَهُ مُعِيناً مُشَابِهاً لَهُ» (تكوين 18:2) فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ فِي نَوْمٍ عَمِيقٍ، ثُمَّ تَنَاوَلَ ضِلْعاً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَسَدَّ مَكَانَهَا بِاللَّحْمِ، وَعَمِلَ مِنْ هَذِهِ الضِّلْعِ امْرَأَةً أَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ. فَقَالَ آدَمُ: «هَذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. فَهِيَ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِيءٍ أُخِذَتْ». لِهَذَا، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَتْرُكُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَصِيرَانِ جَسَداً وَاحِداً (تكوين 21:2-24) يَوْمَ خَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ، صَنَعَهُ اللهُ عَلَى مِثَالِهِ. وَقَدْ خَلَقَهُ ذَكَراً وَأُنْثَى. وَيَوْمَ خَلَقَهُ، بَارَكَهُ وَسَمَّاهُ آدَمَ (تكوين 1:5-2) |
استمرارية خلق الإنسان | |
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (العلق: 1-2) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (المؤمنون: 12-14) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ. ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (السجدة: 7-9) خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ (الزمر: 6) هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ… (النجم: 32) |