زكـــريا، ويوحنــــــا المعمـــدان / يحيـــى، ومريــــم
أيضاً في قصة زكريا يلتقي القرآن الكريم والكتاب المقدس. فالكتابان يذكران الأعجوبة التي حدثت مع زوجته – إليصابات، في الكتاب المقدس؛ وأما القرآن الكريم فلا يذكر أسماء النساء إلا القليل منهن – الطاعنة في السن، والتي حملت بيوحنا / يحيى. يُعلن ملاك عن ميلاد يوحنا / يحيى، والذي يعطي علامة لزكريا بأن يصبح غير قادر على الكلام. يذكر الكتاب المقدس أن خرسه هذا أتى كعقاب له لعدم تصديق كلام الملاك. والقرآن يقول بأنها علامة يطلبها زكريا نفسه.
يُعرّفنا الكتاب المقدس بيوحنا على أنه هو من يمهّد الطريق للرب، والمقصود به يسوع. وهذه الحلقة ناقصة في القرآن الكريم.
يُكمل الكتاب المقدس والقرآن الكريم بعضهما البعض في الحديث عن القرابة بين عائلة زكريا ومريم أم يسوع / عيسى، والتي سنتحدث عنها بالتفصيل في الفصل التالي.
كانت مريم ابنة النبي عمران. عندما كانت أم مريم حاملاً بها، توفي زوجها. فوعدت الله بأنها ستقدم طفلها (الذكر كما كانت تظن) ليربى في الهيكل حيث كان نسيبها زكريا يخدم ككاهن. وعندما علمت أن الطفل لم يكن صبياً وإنما بنتاً، أرادت مع ذلك أن تفي بوعدها، رغم أنه لم يكن يُسمح للنساء بخدمة الهيكل في ذلك الوقت. اهتم عمّها زكريا بأمر الطفلة. وبنى لها مكاناً خاصاً داخل الهيكل أقامت فيه. وكان يتعجب لوجود طعام وشراب عند الطفلة كلما ذهب لزيارتها. فأوضحت له مريم بأن الله يعتني بها.
بعد هذه المقدمة يذكر الكتاب المقدس قصة لقاء أليصابات ومريم بتفصيل عميق. يقول القرآن الكريم إن العجوز كانت في الواقع خالة مريم، وعلاوة على ذلك كانت زوجة الكاهن الذي اهتم بتربيتها. يعترف الجنين يوحنا بسمو يسوع عليه وهو بعد في رحم أمه. وكان اللقاء بينهما بهيجاً جداً. وفي هذا لا تلتقي القصتان، ولكنهما تُكملان بعضهما البعض.
قصة حياة وموت يوحنا المعمدان كما يرويها الكتاب المقدس لا ذكر لها في القرآن الكريم، ولا يذكر حتى لقب “المعمدان” ولا لقاء يوحنا بيسوع.
يعرّف الكتاب المقدس يوحنا، الذي يعمّد يسوع، على أنه الذي يمهّد الطريق أمام الرب.
يتكلم القرآن الكريم بإكبار عن يحيى، ويذكره كواحد من الأنبياء / المرسلين المشاهير. ويصف كلا الكتابين يوحنا/ يحيى كإنسان فريد ومسالم وزاهد.
القـــــــــــرآن الكريــــــــــم | الكتـــــــــــــاب المقـــــــــــدّس |
زكريــــا وابنــــه يحيـــى | أليصابـــــــــــات تحبـــــــــــــل |
ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا. إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا. قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا. وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا. يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا. يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا (مريم: 2-9) فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (آل عمران: 39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا. قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا. قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا. فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (مريم: 8-11) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ (الأنبياء: 90) | كَانَ … كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا، مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَزَوْجَتُهُ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ (أخو موسى – المؤلف)، وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ. وَكَانَ كِلاَهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ، … وَلكِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَدٌ، إِذْ كَانَتْ أَلِيصَابَاتُ عَاقِراً وَكِلاَهُمَا قَدْ تَقَدَّمَا فِي السِّنِّ كَثِيراً… فَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ… فَاضْطَرَبَ زَكَرِيَّا لَمَّا رَآهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْخَوْفُ. فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَفْ يَازَكَرِيَّا، لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَزَوْجَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْناً، وَأَنْتَ تُسَمِّيهِ يُوحَنَّا، وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ. وَسَوْفَ يَكُونُ عَظِيماً أَمَامَ الرَّبِّ، وَلاَ يَشْرَبُ خَمْراً وَلاَ مُسْكِراً، وَيَمْتَلِيءُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَهُوَ بَعْدُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِهِمْ… فَسَأَلَ زَكَرِيَّا الْمَلاَكَ: «بِمَ يَتَأَكَّدُ لِي هَذَا، فَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ وَزَوْجَتِي مُتَقَدِّمَةٌ فِي السِّنِّ؟» فَأَجَابَهُ الْمَلاَكُ: «أَنَا جِبْرَائِيلُ، الْوَاقِفُ أَمَامَ اللهِ، وَقَدْ أُرْسِلْتُ لأُكَلِّمَكَ وَأُبَشِّرَكَ بِهَذَا. وَهَا أَنْتَ سَتَبْقَى صَامِتاً لاَ تَسْتَطِيعُ الْكَلاَمَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَحْدُثُ فِيهِ هَذَا، لأَنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ كَلاَمِي، وَهُوَ سَيَتِمُّ فِي حِينِهِ». وَكَانَ الشَّعْبُ مُنْتَظِرِينَ زَكَرِيَّا، وَهُمْ مُتَعَجِّبُونَ مِنْ تَأَخُّرِهِ دَاخِلَ الْهَيْكَلِ. وَلكِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ، فَأَدْرَكُوا أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا دَاخِلَ الْهَيْكَلِ. فَأَخَذَ يُشِيرُ لَهُمْ وَظَلَّ أَخْرَسَ… وَبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ، حَبِلَتْ أَلِيصَابَاتُ زَوْجَتُهُ (لوقا 5:1-7، 11-15، 18-24) |
زكريـــا ومريـــــــم | أليصابـــات ومريــــــم |
قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (آل عمران: 35-37) | وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ، قَامَتْ مَرْيَمُ وَذَهَبَتْ مُسْرِعَةً إِلَى… بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. وَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ، قَفَزَ الْجَنِينُ دَاخِلَ بَطْنِهَا. وَامْتَلَأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَهَتَفَتْ بِصَوْتٍ عَالٍ قَائِلَةٍ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ بَيْنَ النِّسَاءِ! وَمُبَارَكَةٌ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا: أَنْ تَأْتِيَ إِلَيَّ أُمُّ رَبِّي؟ فَإِنَّهُ مَا إِنْ وَقَعَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ حَتَّى قَفَزَ الْجَنِينُ ابْتِهَاجاً فِي بَطْنِي: فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنَّهُ سَيَتِمُّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ! ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي. فَإِنَّهُ نَظَرَ إِلَى تَوَاضُعِ أَمَتِهِ… وَرَحْمَتُهُ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ… أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ، وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ (لوقا 39:1-48) |
ميــــلاد يحيــــــى | ميــــــلاد يوحنــــــا |
يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا (مريم: 7) | وَأَمَّا أَلِيصَابَاتُ فَتَمَّ زَمَانُهَا لِتَلِدَ فَوَلَدَتِ ابْناً. وَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأَقَارِبُهَا أَنَّ الرَّبَّ أَفَاضَ رَحْمَتَهُ عَلَيْهَا، فَفَرِحُوا مَعَهَا. وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ حَضَرُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ، وَكَادُوا يُسَمُّونَهُ زَكَرِيَّا عَلَى اسْمِ أَبِيهِ. وَلَكِنَّ أُمَّهُ قَالَتْ: «لاَ، بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا!» فَقَالُوا لَهَا: «لَيْسَ فِي عَشِيرَتِكِ أَحَدٌ تَسَمَّى بِهَذَا الاسْمِ». وَأَشَارُوا لأَبِيهِ، مَاذَا يُرِيدُ أَنْ يُسَمَّى. فَطَلَبَ لَوْحاً وَكَتَبَ فِيهِ: «اسْمُهُ يُوحَنَّا». فَتَعَجَّبُوا جَمِيعاً. وَانْفَتَحَ فَمُ زَكَرِيَّا فِي الْحَالِ وَانْطَلَقَ لِسَانُهُ، فَتَكَلَّمَ مُبَارِكاً اللهَ . فَاسْتَوْلَى الْخَوْفُ عَلَى جَمِيعِ السَّاكِنِينَ فِي جُوَارِهِمْ، وَصَارَتْ هَذِهِ الأُمُورُ مَوْضُوعَ الْحَدِيثِ فِي جِبَالِ الْيَهُودِيَّةِ كُلِّهَا. وَكَانَ جَمِيعُ السَّامِعِينَ يَضَعُونَهَا فِي قُلُوبِهِمْ، قَائِلِينَ: «تُرَى، مَاذَا سَيَصِيرُ هَذَا الطِّفْلُ؟» فَقَدْ كَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُ (لوقا 57:1-67) وَامْتَلَأَ زَكَرِيَّا أَبُوهُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَتَنَبَّأَ قَائِلاً: «… وَأَنْتَ، أَيُّهَا الطِّفْلُ، سَوْفَ تُدْعَى نَبِيَّ الْعَلِيِّ، لأَنَّكَ سَتَتَقَدَّمُ أَمَامَ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ…» (لوقا: 76:1-79) |
يحيـــى: النبــــي الصـــادق | يوحنـــا المعمــدان: حياتــه وموتـــه |
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ… أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ… (الأنعام: 84-89) فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (آل عمران: 39) يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا. وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا. وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا (مريم: 12-14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (مريم: 15) | وَكَانَ الطِّفْلُ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ؛ وَأَقَامَ فِي الْبَرَارِي إِلَى يَوْمِ ظُهُورِهِ لإِسْرَائِيلَ (لوقا 80:1) فِي تِلْكَ الْفَتْرَةِ مِنَ الزَّمَانِ، ظَهَرَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ، يُبَشِّرُ قَائِلاً: «تُوبُوا، فَقَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ!»… وَكَانَ يُوحَنَّا يَلْبَسُ ثَوْباً مِنْ وَبَرِ الْجِمَالِ، وَيَشُدُّ وَسَطَهُ بِحِزَامٍ مِنْ جِلْدٍ، وَيَقْتَاتُ الْجَرَادَ وَالْعَسَلَ الْبَرِّيَّ. فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُ أُورُشَلِيمَ وَمِنْطَقَةِ الْيَهُودِيَّةِ كُلِّهَا وَجَمِيعِ الْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ لِلأُرْدُنِّ؛ فَكَانُوا يَتَعَمَّدُونَ عَلَى يَدِهِ فِي نَهْرِ الأُرْدُنِّ مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ (متى 1:3-6) وَكَانَ يَعِظُ قَائِلاً: «سَيَأْتِي بَعْدِي مَنْ هُوَ أَقْدَرُ مِنِّي، مَنْ لاَ أَسْتَحِقُّ أَنْ أَنْحَنِيَ لأَحُلَّ رِبَاطَ حِذَائِهِ. أَنَا عَمَّدْتُكُمْ بِالْمَاءِ؛ أَمَّا هُوَ فَسَوْفَ يُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ» (مرقس 7:1-8) ثُمَّ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ إِلَى نَهْرِ الأُرْدُنِّ، وَقَصَدَ إِلَى يُوحَنَّا لِيَتَعَمَّدَ عَلَى يَدِهِ. لكِنَّ يُوحَنَّا أَخَذَ يُمَانِعُهُ قَائِلاً: «أَنَا الْمُحْتَاجُ أَنْ أَتَعَمَّدَ عَلَى يَدِكَ، وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ!» (متى 13:3-14) وَأَرْسَلَ إِلَى السِّجْنِ فَقَطَعَ رَأْسَ يُوحَنَّا. وَجِيءَ بِالرَّأْسِ عَلَى طَبَقٍ، فَقُدِّمَ إِلَى الصَّبِيَّةِ (متى 11:14) |